يوم الجمعة 25 تمّوز 2014، وبدعوة من الرابطة السريانية في لبنان، شارك نيافة المطران مار ثاوفيلوس جورج صليبا، مطران جبل لبنان وطرابلس وأمين عام المجمع المقدّس، في المهرجان الخطابي الذي أقامته الرابطة إحياءً لذكرى الشهداء السريان في لبنان تحت عنوان "لسنا أقليّات. نحن في الشهادة للبنان اكثريات"، في قاعة مار يعقوب السروجي – السبتية.
حضر اللقاء نيافة المطران مار خريسوستوموس ميخائيل شمعون مدير المؤسسات البطريركية الخيرية في العطشانة، ممثّلاً قداسة سيّدنا البطريرك مار اغناطيوس أفرام الثاني، معالي وزير العمل الأستاذ سجعان قزي، الأستاذ جوزف نعمه ممثّلا رئيس حزب القوات اللبنانية د. سمير جعجع، داني فرح ممثّلاً معالي وزير الاقتصاد الأستاذ آلان حكيم، النائب ألان عون، الوزير السابق يوسف سعادة، الأستاذ حبيب افرام رئيس الرابطة السريانية في لبنان، وممثّلي رؤساء الأجهزة الأمنية وفاعليّات سياسية وحزبية واجتماعية والآباء الكهنة وحشد مِن أبناء السريان وذوي الشهداء.
تخلّل المهرجان عدد مِن الكلمات استهلّها نيافة المطران جورج صليبا فتحدّث قائلاً: " نفرح بأن نبدأ لقاءنا بكلمة شلومو، السلام، السلام لكم؛ تتميّز هذه المناسبة أنّها للشهداء في تاريخ معاصر عشناه شخصياً مع بداية الأحداث اللبنانية في 13 نيسان 1975 وكانت قمّة العطاءات يوم 25 تموز 1976 في تلّ الزعتر: عشرات الشباب ذهبوا وانطلقوا حتى يحرّروا تلك البقعة العزيزة مِن لبنان ويحفظوا كرامة الناس لنعيش معاً في طمأنينة وخصّصنا هذا اليوم للرابطة السريانية التي كانت مندفعة في جماعتنا مع الاحزاب اللبنانية ومسؤولين لبنانيّين فاعتبرنا يوم 25 تمّوز يوم شهادة السريان الذين كانوا يدافعون عن وجودنا".
وأضاف نيافته: "نحن نقول دائماً أنّ السريان والشهادة توأم، لا ينفصل الواحد عن الآخر. نعطي بسخاء، نقدم بدون حدود، ولنا قناعاتنا التي لا يستطيع أحد أن يزعزعها، أو أن يبدّل في كلامنا ومواقفنا. سررتُ كثيراً بالعبارة المرفوعة في صدر هذه القاعة: لسنا أقليات نحن في الشهادة للبنان أكثريات؛ أحببنا لبنان الذي استقبلنا في أصعب الظروف واستقبل الكثيرين مِن هذا الشرق فصار متنفّساً لطالبي الحرّية والكرامة؛ فعشنا في هذا المتنفّس ووفاءً له لم نبخل ولم نتأخّر بأن نقوم بواجباتنا تجاهه، بالدفاع عنه في جبهات عديدة على امتداد الأراضي اللبنانية: في تلّ الزعتر وديرالقمر والجبل وزحلة وصنّين والأسواق، وحيث دعت الحاجة وكانت رسالة أبنائنا تحرير لبنان لئلاّ يقع فريسة كما يقع اليوم أهلنا في مناطق عديدة مِن هذا الشرق التعيس الذي لا يستطيع أن يعبّر عن بركات السماء".
وقال: "فإذا قاربنا ما يجري اليوم في الموصل وما كان مخطّطاً لنا في 13 نيسان 1975 لا يختلفان؛ ولهذا لم نتردّد يوماً في القيام بواجباتنا. ولستُ أنسى هؤلاء الشباب الذين قضينا معاً ليالي وأيّاماً صعبة نقوم فيها بواجباتنا مع المخلصين مِن أبناء اللبنانيّين أحزاباً وفئات وأفراداً؛ هكذا امتزج الدم واختلطت المجتمعات مع بعضها وصرنا نسيجاً واحداً".
وختم نيافته بالقول: "نحن نتذكّر دائماً قول السيّد المسيح: ليس حبٌّ أعظم مِن هذا: أن يبذل الإنسان حياته عن أحبّائه".
ثمّ كانت كلمة للوزير قزّي جاء فيها شدّد فيها على عراقة وأصالة السريان في هذا الشرق من العراق والأردن وسوريا ولبنان معتبراً أنّ كلّ مشرقي هو سريانيّ لما أعطت هذه الحضارة لهذا الشرق على مرّ العصور.ودان القزّي الاضطهاد الذي يطال المسيحيين في العراق وسوريا داعياً العالم العربي والإسلامي لعقد قمّة تحدّد بشكلٍ واضح وصريح رفض اضطهاد المسيحيين ووقف استهدافهم في هذا الشرق.
ثمّ تحدّث الوزير السابق يوسف سعادة فأشاد بتاريخ السريان المشرّف بالشهادة والتبشير باسم المسيح بحيث وصلت بشارتهم إلى أصقاع المسكونة دون أن يتخلّوا عن إيمانهم للحظة وتحت أيّ ظرفٍ. وأشار إلى أنّ ما يحدث اليوم في الموصل وسوريا هو امتداد لهذا التاريخ العريق ولهذه الشهادة المستمرّة حتّى اليوم واصفاً معاناة المسيحيّين هناك بالصلب لما يدهمهم من خطر وتهجير. وفي ختام كلمته حثّ النواب لانتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية يضمن التمثيل الصحيح لكافّة الطوائف اللبنانية.
بدوره، تحدّث النائب ألان عون معبّراً عن حزنه واغتياظه لما يشهده العالم المسيحي في الشرق اليوم والذي هو صورة لما جرى لكلّ الشهداء وبخاصّة السريان في الحقبات الماضية من التاريخ، آسفاً لسقوط الشهداء والضحايا في هذا الشرق الذي كان مهداً للأديان والحضارات فإذا به يتحوّل مقبرةً باسم الأديان والآلهة للإنسان والحضارات. وختم مستصرخاً الضمائر لوقف هذا النزيف المرير الذي يطال المسيحيّين في العراق وسوريا.
أمّا الكلمة الختامية فكانت للأستاذ حبيب أفرام، استذكر فيها أبرز محطّات النضال السرياني خلال الحرب اللبنانية، فاعتبر أنّ هؤلاء الشهداء سقطوا فداءً للبنان الوطن الذي يستحقّ الاستشهاد في سبيله، أمّا الأنظمة السياسية التي أمعنت في تهميش السريان في لبنان فهي لا تستحقّ الشهادة.
وأطلق أفرام صرخة ألم من عمق الشرق الذي بات في خطرٍ داهم وهو يكاد أن يفرغ من مسيحيّيه وها هو الآن يفقد هويّته جرّاء ما يحدث في سوريا والعراق، داعياً إلى تأمين ملاذ آمن لأهلنا في العراق وإلى حلّ سياسي سريع للأزمة العراقية والسورية قبل أن يفوت الأوان.
وطالب في ختام كلمته المسؤولين اللبنانيين بإنصاف السريان في لبنان بحسب وعودهم السابقة بزيادة عدد مقاعد الأقلّيات المسيحية في البرلمان، ليس حسنةً بل حقّاً لهؤلاء الشهداء الذين سطّروا مجد لبنان.